عَبْدُ الرَّزَّاقِ
٢٥٨٥ - عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا﴾ [ص: ٢١] الْمِحْرَابَ قَالَ: جَزَّأَ دَاوُدُ الزَّمَنَ أَرْبَعَةَ أَجْزَاءٍ: فَيَوْمٌ لِنِسَائِهِ، وَيَوْمٌ لِقَضَائِهِ، وَيَوْمٌ يَخْلُو فِيهِ لِعَبَادَةِ رَبِّهِ، وَيَوْمٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ يَسْأَلُونَهُ، فَقَالَ يَوْمًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَفَرَّغَ لِرَبِّهِ ولَا يَسْتَطِيعُ الشَّيْطَانُ مِنْهُ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا أَيُّنَا وَاللَّهِ، فَحَدَّثَ نَفْسَهُ أَنَّهُ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَدَخَلَ مِحْرَابَهُ وَأَغْلَقَ أَبْوَابَهُ، فَقَامَ فصَلِّى فَجَاءَ طَائِرٌ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ مُزَيَّنٌ كَأَحْسَنِ مَا يَكُونُ، فَوَقَعَ قَرِيبًا مِنْهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ وَأَعْجَبَهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَأَعْجَبَهُ، فَدَنَا مِنْهُ لِيَأْخُذَهُ فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَأَخْطَأَهُ فَوَقَعَ قَرِيبًا منه وَأَطْمَعَهُ أَنَّهُ سَيَأْخُذُهُ، فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ ضَرَبَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَأَخْطَأَهُ فَوَقَعَ عَلَى سُوَرِ الْمِحْرَابِ، قَالَ: وَحَوْلَ الْمِحْرَابِ حَوْضٌ يَغْتَسِلُ فِيهِ النِّسَاءُ، نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَحْسِبُهُ قَالَ - الْحُيَّضُ - قَالَ: فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى سُوَرِ الْمِحْرَابِ فَأَخْطَأَهُ، وَهَبَطَ الطَّائِرُ فَأَشْرَفَ فَإِذَا هُوَ بِامْرَأَةٍ تَغْتَسِلُ فَنَفَضَتْ شَعْرَهَا فَغَطَّى جَسَدَهَا فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ مِنْهَا مَا شَغَلَهُ، عَنْ صَلَاتِهِ فَنَزَلَ مِنْ مِحْرَابِهِ وَلَبِسَتِ الْمَرْأَةُ ثِيَابَهَا وَخَرَجَتْ إِلَى بَيْتِهَا، فَخَرَجَ حَتَّى عَرَفَ بَيْتَهَا فَسَأَلَهَا: مَنْ أَنْتِ؟ فَأَخْبَرَتْهُ، فَقَالَ: هَلْ لَكِ زَوْجٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: أَيْنَ هُوَ؟ قَالَتْ: فِي بَعْثِ كَذَا وَكَذَا، وَجُنْدِ كَذَا وَكَذَا، فَرَجَعَ وَكَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ إِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَاجْعَلْ فُلَانًا فِي أَوَّلِ الْخَيْلِ الَّتِي تَلِي الْعَدُوَّ، قَالَ فَقَدِمَ فِي فَوَارِسَ فِي عَادِيَةِ الْخَيْلِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، -[١١٤]- قَالَ: فَبَيْنَا دَاوُدُ فِي الْمِحْرَابِ تَسَوَّرَ عَلَيْهِ مَلَكَانِ فَأَفْزَعَاهُ وَرَاعَاهُ، فَقَالَا: ﴿لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ﴾ [ص: ٢٢] حَتَّى بَلَغَ ﴿وَلَا تُشْطِطْ﴾ [ص: ٢٢] أَيْ: لَا تَجُرْ ﴿وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ﴾ [ص: ٢٢] حَتَّى بَلَغَ ﴿فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا﴾ [ص: ٢٣] يَقُولُ: أَعْطِنِيهَا ﴿وَعَزَّنِي فِي الْخَطَّابِ﴾ [ص: ٢٣] يَقُولُ: قَهَرَنِي فِي الْخُصُومَةِ، قَالَ: لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ حَتَّى بَلَغَ ﴿وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ﴾ قَالَ: " عَلِمَ دَاوُدُ أَنَّهُ هُوَ الْمَعْنِيُّ بِذَلِكَ ﴿وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ﴾ [ص: ٢٤]