عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ:
٣٠٧٠ - أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ: قَالَ: أَخْبَرَنِي نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِي، رَفَعُوا الْحَدِيثَ إِلَى بَعْضِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ: مَرَّ عُمَرُ عَلَى رَجُلٍ أَعْمَى مُقْعَدٍ، فَسَأَلَ عَنْهُ مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: هَذَا الَّذِي أَهْلُهُ بُرِيقٌ، قَالَ: إِنَّ بُرَيْقًا لَقَبٌ، وَلَكِنِ ادْعُوا لِي عِيَاضًا، فَدُعِيَ لَهُ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي مَا شَأْنُ هَذَا؟ فَقَالَ: إِنَّ بَنِي الصَّفَا كُنْتُ تَزَوَّجْتُ فِيهِمُ امْرَأَةً فَأَرَادُوا ظُلْمِي وَانْتِزَاعَهَا مِنِّي فَنَاشَدْتُهُمُ اللَّهَ فَأَبَوْا فَتَرَكْتُهُمْ حَتَّى إِذَا دَخَلَ رَجَبُ مُضَرَ شَهْرُ اللَّهِ الْأَصَمُّ قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ دُعَاءً جَاهِرًا، عَلَى بَنِي الصَّفَا إِلَّا وَاحِدًا، أَكْسَرِ الرِّجْلَ، فَذَرْهُ قَاعِدًا أَعْمًى إِذَا قِيدَ يَعْنِي الْقَائِدَ، فَهَلَكُوا كُلُّهُمْ إِلَّا هَذَا فَهُوَ أَعْمًى مُقْعَدٌ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَعَجَبٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، أَفَلَا أُخْبِرُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا هُوَ أَعْجَبُ مِنْ هَذَا؟ إِنِّي وَرِثْتُ أَبِي فَأَرَادَ عَمٌّ لِي وَبَنُوهُ أَنْ يَنْتَزِعُوا مَالِي، فَنَاشَدْتُهُمُ اللَّهَ وَالرَّحِمَ فَأَبَوْا إِلَّا أَخْذَهُ، فَانْتَظَرْتُ حَتَّى إِذَا دَخَلَ رَجَبُ مُضَرَ شَهْرُ اللَّهِ الْأَصَمُّ، قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنَّ الْجَاعِيَ أَبَا نَقَاصِفْ، لَمْ يُعْطِنِي الْحَقَّ وَلَمْ يُنَاصِفْ، فَاجْمَعْ لَهُ الْأَحِبَّةَ الْمَلَاطِفْ، بَيْنَ فِرَاقٍ ثَمَّ وَالْقَوَاصِفْ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَحْفِرُونَ حُفْرَةً لَهُمْ، إِذِ انْهَدَّتْ عَلَيْهِمْ فَهَلَكُوا أَجْمَعُونَ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَعَجَبٌ، -[٢٦٣]- فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَفَلَا أُخْبِرُكَ بِأَعْجَبَ مِنْ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ إِنَّ نَاسًا مِنْ بَنِي مُؤَمَّلٍ ظَلَمُونِي فِي كَذَا وَكَذَا فَنَاشَدْتُهُمُ اللَّهَ فَأَبَوْا، فَانْتَظَرْتُ بِهِمْ حَتَّى إِذَا دَخَلَ رَجَبُ مُضَرَ شَهْرُ اللَّهِ الْأَصَمُّ فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ أَزِلْهُمْ مِنْ بَنِي مُؤَمَّلٍ، وَارْمِ عَلَى أَقْفَاهُمْ بِمَنْكَلٍ بِصَخْرَةٍ، أَوْ عَارِضِ جَيْشٍ جَحْفَلٍ، إِلَّا رَبَاحًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَنَزَلُوا فِي أَصْلِ الْجَبَلِ وَهُمْ فِي سَفَرٍ فَانْتَقَضَتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ فَقَتَلَتْهُمْ وَرِكَابَهُمْ إِلَّا رَبَاحًا، فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَعَجَبٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: فَهَذَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِي شِرْكِهِمْ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَظْلِمُ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ عُمَرُ: " إِنَّ هَذِهِ حَوَاجِزُ كَانَتْ تَكُونُ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ السَّاعَةُ ﴿وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ [القمر: ٤٦]


الصفحة التالية
Icon