والتقدير: (اذكر يوم نقول لجهنم) وليعلم أنه يوجد في اللغة العربية كلمات تحذف بل ربما جمل تحذف، وذلك فيما إذا دل عليها السياق، فهنا الكلمة التي تتعلق بها كلمة يوم محذوفة، والتقدير: اذكر ﴿يوم نقول لجهنم هل امتلأَت وتقول هل من مزيد﴾ يسألها الله - عز وجل -: ﴿هل امتلأَت﴾ وهو يعلم سبحانه وتعالى أنها امتلأت، أو لم تمتلىء؛ لأنه لا يخفى عليه شيء، لكنه يسألها هل امتلأت، ليقرر لها ما وعدها سبحانه وتعالى، فإن الله يقول: ﴿وتمت كلمة ربك لأَملأَن جهنم من الجنة والناس أجمعين﴾. فيسألها: ﴿هل امتلأَت﴾ يعني هل حصل ما وعد الله به؛ لأن الله تكفل بأن يملأ الجنة ويملأ النار، فتقول: ﴿هل من مزيد﴾، (هل) أداة استفهام، وهي حرف. وهل هي استفهام طلب، بمعنى: أنها تطلب الزيادة، أو استفهام نفي، بمعنى: أنها تقول: لا مزيد على ما فيها؟ في هذا للعلماء قولان:
القول الأول: إن المعنى: لا مزيد على ما فيَّ، و (هل) تأتي لاستفهام النفي كما في قوله تعالى: ﴿هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأَرض﴾ أي ما من خالق؟ وعلى هذا فتكون النار امتلأت إذا قالت: لا مزيد على ذلك، فالمعنى أنها امتلأت.
القول الثاني: أنها استفهام طلب، يعني تطلب الزيادة.
وإذا اختلف العلماء في التفسير أو غير التفسير فلنرجع إلى ما قاله الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فلننظر أي القولين أولى بالصواب، ثبت عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: «لاتزال جهنم تلقى فيها وهي تقول: هل من مزيد؟ حتى يضع رب العزة عليها


الصفحة التالية
Icon