﴿إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد﴾ ﴿إن في ذلك﴾ أي ما سبق من الآيات العظيمة ومنها ما قص الله تعالى في هذه الآيات الكريمة من إهلاك الأمم السابقة، فيه ذكرى لنوعين من الناس: الأول ﴿لمن كان له قلب﴾ أي: من كان له لب وعقل يهتدي به بالتدبر والثاني: ﴿أو ألقى السمع وهو شهيد﴾ أي استمع إلى غيره ممن يعظه وهو حاضر القلب فبين الله تعالى أن الذكرى تكون لصنفين من الناس:
الأول: من له عقل ووعي يتدبر ويتأمل بنفسه ويعرف، والثاني: من يستمع إلى غيره، ولكن بشرط أن يكون شهيداً أي حاضر القلب، وأما من كان لا يستمع للموعظة، أو يستمع بغير قلب حاضر، أو ليس له عقل يتدبر به، فإنه لا ينتفع بهذه الذكرى، لأنه غافل ميت القلب.
﴿ولقد خلقنا السماوات والأَرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب﴾ هذه ثلاثة مخلوقات عظيمة بين الله - عز وجل - أنه خلقها في ستة أيام، وأكَّد هذا الخبر بثلاثة مؤكدات: القسم، واللام، وقد. لأن تقدير الآية: (والله لقد خلقنا السماوات والأرض)، فالسماوات معلومة لنا جميعاً وهي سبع سماوات طباقاً، والأرض هي الأرض التي نحن عليها، وهي سبع أراضين، كما جاءت به السنة صريحاً (١)، وكما هو ظاهر القرآن في قوله: ﴿الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأَرض مثلهن﴾. الثالث:
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في سبع أرضين (رقم ٣١٩٥) ومسلم، كتاب المساقاة، باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها (رقم ١٦١٢).


الصفحة التالية
Icon