إلى الله بما لم يشرعه فإنه مبتدع ظالم، لا يقبل الله منه تعبده، لما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (١). ومن التقدم بين يدي الله تعالى ورسوله أن يقول الإنسان قولاً يُحكم به بين عباد الله أو في عباد الله، وليس من شريعة الله، مثل أن يقول: هذا حرام، أو هذا حلال، أو هذا واجب، أو هذا مستحب بدون دليل، فإن هذا من التقدم بين يدي الله ورسوله، وعلى من قال قولاً وتبين له أنه أخطأ فيه أن يرجع إلى الحق حتى لو شاع القول بين الناس وانتشر وعَمِلَ به مَن عمل من الناس، فالواجب عليه أن يرجع وأن يُعلن رجوعه أيضاً، كما أعلن مخالفته التي قد يكون معذوراً فيها إذا كانت صادرة عن اجتهاد، فالواجب الرجوع إلى الحق، فإن تمادى الإنسان في مخالفة الحق فقد تقدم بين يدي الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
﴿واتقوا الله﴾ هذا تعميم بعد تخصيص؛ لأن التقدم بين يدي الله ورسوله مخالف للتقوى، لكن نص عليه وقدمه لأهميته، ومعنى ﴿واتقوا الله﴾ أي اتخذوا وقاية من عذاب الله - عز وجل - وهذا لا يتحقق إلا إذا قام الإنسان بفعل الأوامر وترك النواهي، بفعل الأوامر تقرُّباً إلى الله تعالى، ومحبة لثوابه، وترك النواهي خوفاً من عذاب الله - عز وجل -، ومن الناس من إذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم، وتصاعد في نفسه وعز في نفسه، وأوغل في
_________
(١) أخرجه مسلم كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور (١٧١٨/١٨).