قال: ﴿ولمن خاف مقام ربه جنتان﴾ ثم قال: ﴿ومن دونهما جنتان﴾ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما» (١)
إذن فالجنات متعددة وجمعت باعتبار أنواعها وأصنافها، وقد جاءت في القرآن مفردة، مثل قوله: ﴿وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون﴾. وجاءت أيضاً مجموعة فهي مفردة باعتبار الجنس، ومجموعة باعتبار النوع، و (عيون) : جمع عين، وهي الأنهار الجارية، وقد ذكر الله تعالى أنها أربعة أنواع: ﴿أنهار من ماء غير ءاسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى﴾
﴿ءاخذين مآ ءاتهم ربهم﴾. قوله: ﴿ءاخذين﴾ : حال من الضمير المستتر بالخبر، أي: حال كونهم آخذين ما آتاهم ربهم، أي: ما أعطاهم من النعيم، وهذه الآية كالآية التي في سورة الطور ﴿فكهين بمآ ءاتهم ربهم﴾، ثم بيَّن السبب الذي وصلوا به إلى هذا، فقال: ﴿إنهم كانوا قبل ذلك محسنين﴾ يعني في الدنيا محسنين، أي: قائمين بطاعة الله على الوجه الذي يرضاه الله - عز وجل - وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» (٢) هذا الإحسان في العبادة، أما الإحسان في معاملة الخلق، فإنَّ أجمع ما يقال فيه ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام: «من أحب أن
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب قوله: ﴿ومن دونهما جنتان﴾ (٤٨٧٨) ومسلم، كتاب الإيمان، باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى (١٨٠)..
(٢) تقدم تخريجه ص ٦٢.


الصفحة التالية
Icon