وسهرهم في طاعة الله، خوفاً من أن يكون هناك تقصير، وهذا مما يدل على معرفتهم بأنفسهم، وأنهم يرون أنفسهم مقصرين، خلافاً لما يفعله بعض الناس الآن إذا تعبد لله تعالى بأدنى عبادة شمخ بنفسه وأدل على الله تعالى بها، وظن أنه من عباد الله الصالحين، صحيح أن الإنسان ينبغي أن يرجو ربه إذا أنعم الله عليه بطاعة أن يقبلها، لكن كونه يرى أنه قد أتم كل شيء. فهذا يخشى أن يحبط عمله وهو لا يشعر. ﴿وفي أموالهم حق للسآئل والمحروم﴾ في أموالهم كلها سواء الأموال الزكوية، أو غير الزكوية فيها حق للسائل والمحروم، إذا أتاهم سائل أعطوه، وإذا رأوا محروماً أي ممنوعاً من الرزق، وهو الفقير أعطوه، فمالهم قد أعدوه لما يرضي الله - عز وجل - من السائلين والمحرومين وغير ذلك من الإنفاق المشروع، فهم يقومون بطاعة الله تهجد في الليل واستغفار وبذل للمال، لكن من غير إسراف ولا مخيلة.
﴿وفي الأَرض ءايات للموقنين﴾ لم يبين الله هذه الآيات بل جاءت منكرة، ليشمل كل آية في الأرض، سواء كانت الآيات فيما يحدث فيها من الحوادث، أو كانت في نفس طبيعة الأرض وتركيب الأرض، فإن فيها آيات عظيمة من حيث التركيب، كما قال الله - عز وجل -: ﴿وفي الأَرض قطع متجاورت﴾ فتجد الحجر الواحد يشتمل على عدة معادن وهو حجر واحد، وترى أحياناً في ﴿الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألونها وغرابيب سود﴾ وتجد فيها الأرض اللينة الرخوة، والأرض الصلبة إلى غير ذلك مما يعرفه علماء الجيولوجيا من الآيات العظيمة، وفيها آيات من جهة