لحذف الخبر (سلام)، لأن التقدير: عليكم سلام. والشاهد لحذف المبتدأ (قوم)، لأن التقدير: أنتم قوم. ﴿فراغ إلى أهله﴾ راغ: انسل بخفية وسرعة، وذلك من حسن ضيافته. لم يقل: انتظروا آتي لكم بالطعام.
ولم يقم متباطئاً كأنما يدفع دفعاً، وإنما قام بسرعة منسلاً، لئلا يقوموا إذا رأوه ذهب إلى أهله، فكأنه أخفى الأمر عنهم ﴿أهله﴾ يعني أهل بيته ﴿فجاء بعجل سمين﴾ وفي آية أخرى: ﴿بعجل حنيذ﴾ أي مشوي، واللحم إذا شوي يكون أطعم وألذ، لأن طعمه يبقى فيه لا يمتزج بالماء، بخلاف ما إذا طبخ يمتزج بعضه بالماء، فتقل لذته، لكن إذا كان مشوياً صار أطيب وأحسن، ﴿فجاء بعجل سمين﴾ يعني أنه عليه الصلاة والسلام لا يتخير للضيوف البهائم العجفاء الهزيلة، وإنما يتخير لهم البهائم السمينة، لأنها ألذ وأطيب وأنفع، واختيار العجل إما أن يكون من عادته عليه الصلاة والسلام أن يكرم الناس بهذا، أو أنه يكرم الضيوف بحسب ما تقتضيه الحال، فإذا كانوا كثيرين أتى بالعجل، وإذا كانوا أقل أتى بالغنم، وما أشبه ذلك حسب عادة الكرماء ﴿فقربه إليهم قال ألا تأكلون﴾ أي لم يجعله بعيداً، ويقول: قوموا إلى طعامكم، بل خدمهم حتى جعله بين أيديهم، وقربه إليهم قال: ﴿ألا تأكلون﴾ ولم يقل: كلوا. إنما عرضه عليهم عرضاً، لأن هذا أبلغ في الإكرام، والعرض أخف وألطف من الأمر، إذ إنه لو قال: كلوا. كان يحتمل أنه أراد أن يستعلي عليهم ويوجه الأمر إليهم، لكن قال: ألا تأكلون؟ والفرق بين العبارتين في الرق، فقوله: ﴿ألا تأكلون﴾ أرق


الصفحة التالية
Icon