ربك} من باب الربوبية الخاصة التي تقتضي عناية خاصة ﴿قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم﴾ إن شئت فقل: (الحكيم) خبر إن و (هو) ضمير فصل لا محل له من الإعراب، وإن شئت فقل: (هو) مبتدأ و (الحكيم) خبر هو، والجملة خبر إن، وهنا قدَّم الحكيم على العليم؛ لأن المقام يقتضي هنا تقديم الحكمة على العلم، والحكمة هنا في شيئين: أولاً: تأخير الولادة بالنسبة لهذه المرأة، إن الله لم يؤخر ولادتها إلى أن تبلغ العجز إلا لحكمة، ثانياً: كونها ولدت بعد أن أيست واعتقدت أنها عقيم، فهاهنا حكمتان: حكمة سابقة، وحكمة لاحقة، ومن ثم قدَّم اسم الحكيم على اسم العليم، والقرآن إذا جمع الله فيه بين هذين الاسمين الكريمين: العليم والحكيم يقدم غالباً العليم، لكن هنا قدَّم الحكيم؛ لأن المقام يقتضي ذلك ﴿إنه هو الحكيم العليم﴾ وأكثر الناس يظنون أن معنى (الحكيم) أنه المتصف بالحكمة، والحكمة هي وضع الشيء في مواضعه، ولكن الواقع أن
الحكيم له معنيان: حكيم من الحكمة، وحكيم من الحكم، فالله - عز وجل - حكيم من الحكمة، لأن الله تعالى هو الحكم بين العباد، والحاكم في العباد هو حاكم فيهم، وهو الحكم بينهم، وقد قال الله تعالى في القرآن الكريم ﴿ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون﴾. ﴿أليس الله بأحكم الحاكمين﴾. وهذا استفهام للتقرير، يعني أن الله تعالى أحكم الحاكمين، وكلاهما في محله المناسب، ففي سورة المائدة ذكر الله ﴿ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾. ﴿الظالمون﴾. ﴿الفاسقون﴾،


الصفحة التالية
Icon