الكثير، وإذا لم يفعلوا فليسلم الكثير على القليل، لئلا تفوت السنة بينهم.
خامساً: يسلم الراكب على الماشي، فإذا تقابل رجلان أحدهما يمشي، والثاني راكب في سيارته أو على بعيره فيسلم الراكب على الماشي، لأن الراكب له علو فيسلم على الماشي، لأن السنة جاءت بهذا (١)، كذلك الصاعد على النازل، فلو أن اثنين التقيا في درجة سلم فإن الصاعد هو الذي يسلم على النازل، وإذا لم تأت السنة ممن عليه أن يبدأ بها فليبدأ بها الثاني، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام» (٢) قال: خيرهما، فدل ذلك على أن من بدأ غيره بالسلام فهو خير، وهو كذلك لأنك إذا سلمت حصلت عشر حسنات، ثم إذا رد صاحبك حصل عشر حسنات، والسبب الذي جعله يحصل عشر حسنات هو البادي، لولا أنه سلم ما رد، فتكون أنت متسبباً لهذا الذي عمل عملاً صالحاً فلك أجره، ولهذا قال العلماء: ابتداء السلام سنة، ورده واجب، ثم أوردوا على هذا إشكالاً فقالوا: ابتداء السلام أفضل من رده، فكيف تكون السنة أفضل من الواجب؟ والقاعدة الشرعية أن الواجب أفضل، كما قال الله تعالى في الحديث القدسي: «ما تقرَّب إليَّ بشيء أحبّ إليَّ مما افترضت
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب الاستئذان، باب يسلم الراكب على الماشي (رقم ٦٢٣٢) ومسلم، كتاب السلام، باب يسلم الراكب على الماشي والقليل على الكثير (رقم ٢١٦٠).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب الهجرة (٦٠٧٧) ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الهجر فوق ثلاث بلا عذر شرعي (٢٥٦٠).