الصلاة والسلام: ﴿وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم﴾، وهذه الفاحشة فاحشة نكراء، لا يقرها عقل، ولا فطرة، ولا دين، ولهذا كانت عقوبتها القتل للفاعل والمفعول به، إذا كانا بالغين عاقلين، سواء كان محصنين أم غير محصنين، بخلاف الزنى، فالزنى أهون عقوبة، لأن الزنى من لم يكن محصناً فعقوبته أن يجلد مائة جلدة ويغرب عن البلد سنة كاملة، وإن كان محصناً وهو الذي قد تزوج وجامع: فعقوبته أن يرجم بالحجارة حتى يموت، أما هذا فعقوبته القتل بكل حال، كما جاء في الحديث: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به» (١)
ووقعت هذه الفاحشة في عهد أبي بكر - رضي الله عنه - فأمر أن يحرق كل من الفاعل والمفعول به، لأن الإحراق أعظم عقوبة يعاقب بها بنو آدم، وكذلك جاء عن بعض الخلفاء أنهم أمروا بإحراق اللوطي، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: أجمع الصحابة - رضي الله عنهم - على قتل اللوطي فاعلاً كان أو مفعولاً به، لكنهم اختلفوا: كيف يقتل؟ منهم من قال: يحرق، ومنهم من قال: يرمى بالحجارة حتى يموت كالزاني المحصن، ومنهم من قال: يلقى من أعلى شاهق في البلد، يعني في مكان مرتفع، أعلى ما يكون في البلد، ثم يتبع بالحجارة حتى يموت، فالمهم أنهم متفقون على قتله، ولا شك أن قتله هو الحكمة، لأن هذه الفاحشة متى دبت في الرجال صار الرجال كالنساء، وبدأ الذل والعار والخزي على وجه المفعول به، لا ينساه حتى يموت، ثم استغنى الرجال
_________
(١) تقدم ص ٨٦، وهو عند الترمذي (١٤٥٦)..