البحر بين أيديهم، وفرعون وقومه خلفهم، فقال قوم موسى: ﴿إنا لمدركون﴾ يعني هلكنا، لأن فرعون خلفنا والبحر أمامنا فكيف النجاة؟! فقال موسى: ﴿كلا إن معى ربي سيهدين﴾.
وهذه معية خاصة، تقتضي النصر والتأييد، قال: ﴿سيهدين﴾ ولم يقل: سوف يهدين، بل قال: ﴿سيهدين﴾ إشارة إلى قرب هذا الحصر وأنه سيزول قريباً، وهذا هو الذي حصل، فأوحى الله تعالى إليه أن يضرب البحر بعصاه، فضربه فانفلق اثنتي عشرة طريقاً في الحال ويبس في الحال، وصار صالحاً للمشي عليه في الحال، كما قال عز وجل: ﴿فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً لا تخاف دركاً ولا تخشى﴾. فعبر موسى وقومه من هذه الطرق العظيمة التي كان الماء بينها كالجبال ولما انتهوا خارجين كان فرعون في أثرهم وانتهوا داخلين، فأمر الله - عز وجل - بقدرته وسلطانه البحر أن يعود إلى ما كان عليه، فانطبق على فرعون وقومه فهلكوا عن آخرهم والحمد لله، ولهذا قال: ﴿وهو مليم﴾ أي: فرعون فاعل ما يلام عليه ولا شك أن رده للرسالة الإلهية، وادعائه أنه الرب وقوله: ﴿ما علمت لكم من إله غيرى﴾ وما أشبه ذلك من الكلمات لا شك أنها كلمات يلام عليها، لأنه قد تبين له الحق، ولكنه عاند وأبى أن ينقاد للحق، كما قال له موسى: ﴿لقد علمت﴾ يعني يا فرعون ﴿مآ أنزل هؤلآء إلا رب السماوت والأَرض بصآئر وإني لأَظنك يفرعون مثبورًا﴾
ثم قال تعالى: ﴿وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم﴾ يعني وفي عاد آيات ﴿إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم﴾ عاد في جنوب


الصفحة التالية
Icon