سخط» (١)
فبين الرسول عليه الصلاة والسلام أن الذي ليس لهم همٍّ إلا المال فإنه عابد له في الحقيقة، وإن كان لا يركع له ولا يسجد، لكن تعلق قلبه به واهتمامه به، وكونه يرضى لحصوله، ويسخط لمنعه، لا شك أنه قد استولى على قلبه استيلاء تامًّا، لكن المعبود تختلف عبادته في الحكم، فإن كان يصرف له شيء من العبادة، فهذا شرك أكبر، وإن كان لا يصرف له شيء من العبادة، ولكنه يتعلق به القلب تعلقاً كاملاً حتى إنه ليدع الواجبات ويقع في المحرمات من أجل الحصول عليه، فهذه عبادة لا تخرج من الدين لكنها حقًّا عبادة ﴿إني لكم منه نذير مبين﴾ كرر ذلك لأهمية الموضوع، فنسأل الله تعالى أن يرزقنا الاتعاظ والانتفاع بآيات الله تعالى، إنه على كل شيء قدير.
﴿كذلك مآ أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون﴾ يعني أن الأمر الذي حصل لك يا محمد حصل لمن قبلك، فقوله (كذلك) خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: الأمر كذلك، يعني أن أمر الأمم السابقة كأمر هؤلاء الذين كذبوك يا محمد، وفسر ﴿كذلك﴾ بقوله: ﴿مآ أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون﴾ يعني ما أتاهم رسول إلا قالوا كذا، و (من) في قوله (من رسول) زائدة من حيث الإعراب، كقوله تعالى: ﴿أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير﴾ والمعنى ما جاءنا بشير ونذير، لكن تزاد الحروف في بعض الجمل للتأكيد، فما أتى الذين من قبلهم من رسول يعني ما أتاهم رسول إلا وصفوه بهذين الوصفين إلا قالوا:
_________
(١) تقدم تخريجه ص (١٠١)..


الصفحة التالية
Icon