العوالم التي في الأرض ما استطعت، فضلاً عن أفرادها، فكل فرد منها فإن الله تعالى متكلف برزقه ﴿وما من دآبة في الأَرض إلا على الله رزقها﴾ فإذا كان الأمر كذلك صار رزق الله كثيراً باعتبار المرزوق، مَن يحصي المرزوقين؟ لا أحد يحصيهم أبداً، ورزقه كثير باعتبار الواحد، فكم لله عليك من رزق كثير لا يحصى، رزق الله لك دارٍّ عليك ليلاً ونهاراً، رزقك عقلاً، وصحة، ومالاً، وولداً، وأمناً وأشياء لا تحصى، ﴿وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها﴾، ولهذا جاء اسم الرزَّاق بالتشديد الدال على الكثرة، وقوله: ﴿ذو القوة﴾ أي: صاحب القوة التي لا قوة تضادها، كما قال الشاعر الجاهلي:
أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب ليس الغالب
فقوة الله عز وجل لا يضاهيها قوة، قوته - عز وجل - لا يعتريها ضعف، بخلاف قوة المخلوق، فقوته تنتهي إلى ضعف، كما قال الله تعالى: ﴿الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبةً يخلق ما يشاء وهو العليم القدير﴾ أما الرب عز وجل فقوته لا يلحقها ضعف بأي وجه من الوجوه، ولما قالت عاد: من أشد منا قوة؟ قال الله؟ ﴿أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوةً﴾ وصدق الله - عز وجل - وقوله: ﴿المتين﴾ يعني الشديد، شديد في قوته، شديد في عقابه، شديد في كل ما تقتضي الحكمة الشدة فيه، انظر إلى قول الله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأَخر وليشهد عذابهما طآئفة من