تكذبون} فما أشد حسرتهم إذا وُبِّخوا على أمر كان في إمكانهم أن يتخلوا عنه، ولكنهم الآن لا يستطيعون لذلك سبيلاً، يقولون إذا وقفوا على النار: ﴿ياليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين﴾.
قال الله تعالى: ﴿بل بدالهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون﴾. أي: حتى لو ردوا إلى الدنيا عادوا وكذبوا، فلن يستقيموا على أمر الله، لكن يقولون هذا تمنياً. ﴿أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون﴾ يعني أفهذا الذي ترون اليوم سحر كما كنتم تقولون ذلك في الدنيا، حيث يقولون: إن ما جاءت به الرسل سحر، ويصفون الرسول بأنه ساحر، فيقال: أسحر هذا أم أنتم لا تبصرون، يعني لا تبصرون بعين البصيرة، بل أنتم عمي عن الحق - والعياذ بالله - ﴿اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون﴾ أي: احترقوا بها، والأمر هنا للإهانة، كقوله تعالى: ﴿ذق إنك أنت العزيز الكريم إن هذا ما كنتم به تمترون﴾. فانظر إلى هؤلاء كيف تتهكم بهم الملائكة وتذلهم وتخزيهم - والعياذ بالله - وتهينهم، ﴿اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم﴾ يعني أن الصبر وعدمه سواء عليكم، ومعنى هذا أنه لن يفرج عنكم، سواء صبرتم أم لم تصبروا، مع أنه في الدنيا إذا أصيب الإنسان بشيء وصبر فإنه يفرج عنه، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً» (١).
﴿إنما تجزون ما كنتم تعملون﴾ يعني ما تجزون إلا ما عملتم فلم
_________
(١) الإمام أحمد في المسندد ج١/٣٠٧، والحاكم في المستدرك ج٣/٦٢٤.