من اللحم وأبرأه وأمرأه ﴿يتنزعون فيها
كأساً﴾
أي: أن أهل الجنة ينازع بعضهم بعضاً على سبيل المداعبة، وعلى سبيل الأنس والانشراح ﴿كأساً لا لغو فيها ولا تأثيم﴾ والمراد بها كأس الخمر، ومعنى ﴿لا لغو فيها ولا تأثيم﴾ أنه لا يحصل بها ما يحصل من خمر الدنيا، فإن خمر الدنيا يحصل بها السكر والهذيان، ولكن خمر الآخرة ليس فيها لغو ولا تأثيم، أي: لا يلغو بعضهم على بعض، ولا يتكلمون بالهذيان، ولا يعتدي بعضهم على بعض ﴿ويطوف عليهم﴾ أي: يتردد على أهل الجنة وهم على سررهم متكئين ﴿غلمان لهم﴾ أي: غلمان مهيئون لهم في الخدمة التامة المريحة ﴿كأنهم﴾ أي: الغلمان ﴿لؤلؤ مكنون﴾ أي: محفوظ عن الرياح وعن الغبار وعن غير ذلك مما يفسده، ﴿وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون﴾ أي صار بعضهم يسائل بعضاً، لكنه على وجه الأدب يتكلم معه وهو مقابل له لوجهه فلا يصعر خده له ولا يستدبره، بل يتكلم معه بأدب ومقابلة تامة ﴿قالوا﴾ أي: قال بعضهم لبعض: ﴿إنا كنا قبل﴾ أي: في الدنيا ﴿في أهلنا مشفقين﴾ أي خائفين من عذاب الله ﴿فمن الله علينا﴾ أي: أنعم علينا بنعمة عظيمة، ﴿ووقانا عذاب السموم﴾ أي: عذاب النار ﴿إنا كنا من قبل﴾ أي: قبل أن نصل إلى هذا المقر، وذلك في الدنيا ﴿ندعوه﴾ أي: نعبده ونسأله، لأن الدعاء يطلق على معنيين: على العبادة، وعلى السؤال، فمن إطلاقه على العبادة قول الله تبارك وتعالى: ﴿وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين﴾.


الصفحة التالية
Icon