وأصحابه - أرغب بطوناً - يعني أوسع - ولا أجبن عند اللقاء، ولا أكذب ألسناً، فأنزل الله هذه الآية، ولما سألهم الرسول - عليه الصلاة والسلام - عن ذلك قالوا: إنما كنا نخوض ونلعب، يعني نتكلم بكلام لا نريده، ولكن لنقطع به عنا عناء الطريق، فأنزل الله هذه الآية. ﴿قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم﴾. ولهذا كان الصحيح أن من سب الرسول - عليه الصلاة والسلام - كان كافراً مرتدًّا، فإن تاب قبلنا توبته لكننا لا نرفع عنه القتل، بل نقتله أخذاً بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا قتلناه بعد توبته النصوح الصادقة صلينا عليه كسائر المسلمين الذين يتوبون من الكفر أو من المعاصي.
ثم أثنى الله تعالى على الذين يغضون أصواتهم عند الرسول ﷺ فقال: ﴿إن الذين يغضون أصوتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم﴾ لما نهى عن رفع الصوت فوق صوته، وعن الجهر له بالقول كجهر بعضنا لبعض، أثنى على الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله، أي يخفضونها ويتكلمون بأدب، فلا إزعاج ولا صخب، ولا رفع صوت، لكن يتكلمون بأدب وغض، قال الله تعالى: ﴿أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى﴾ أعاد الإشارة ﴿أولئك﴾ تعظيماً لشأنهم ورفعة لمنزلتهم، لأن ﴿أولئك﴾ من أسماء الإشارة الدالة على البعد، وذلك لعلو منزلتهم، فأتى باسم الإشارة بياناً لرفعة منزلتهم وعلوها.
﴿امتحن الله قلوبهم﴾. قال العلماء: معناها أخلصها


الصفحة التالية
Icon