كنت أنت تقوَّلته فأنت مثلهم بشر تتكلم كما يتكلمون، وتخطب كما يخطبون، وتقول كما يقولون، فإذا كنت متقوِّلاً له وهو من عندك فليأتوا بحديث مثله، لأن البشر يمكن أن يأتي بكلام يشبه كلام البشر الآخر، فإذا كان محمد ﷺ تقوَّله فهاتوا مثله ﴿فليأتوا﴾، اللام هنا للأمر، والمقصود به التحدي والتعجيز، ﴿إن كانوا صادقين﴾، وهذا غاية التحدي، فعجزوا وما استطاعوا أن يأتوا بحديث مثله، مع أنهم أمراء البلاغة، وسلاطين الفصاحة، لكن عجزوا، فدل عجزهم على أن القرآن ليس من كلام البشر، بل هو من كلام الله - عز وجل - ولهذا قال: ﴿فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين﴾ ومع قوة المعارضة وقوة البلاغة والفصاحة عجزوا أن يأتوا بحديث مثله فما استطاعوا، فدل ذلك على أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يتقوله، ولن يستطيع أن يأتي بمثله، وفي قوله: ﴿فليأتوا بحديث مثله﴾ كلمة (حديث) نكرة، والنكرة تدل على الإطلاق، لكن جاء في آية أخرى أن الله قال: ﴿أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين﴾. ﴿أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين﴾.
وجاء في آية أخرى الإخبار بأنه لن يستطيع أحد أن يعارض القرآن، فقال تعالى: ﴿قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرءان لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا﴾. فتبين بطلان قولهم: إنه تقوَّله؛ لأن الله تحداهم أن يأتوا بمثله، إن كانوا صادقين في دعواهم أنك تقوَّلته فليأتوا