المشركين نجس، والنتن هو الرائحة الكريهة «في هؤلاء النتنى لتركتهم له» وجبير ابنه فلعله - والله أعلم - سمع بهذه المقالة فجاء إلى النبي ﷺ يطلب فداء الأسرى، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يقرأ في المغرب بسورة الطور ولما بلغ هذه الآية: ﴿أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون﴾ قال جبير: (كاد قلبي يطير) لأن هذه حجة ملزمة لا يمكن أن يتخلص منها أحد، قال: (ووقر الإيمان في قلبي) يعني معناه أنه دخل الإيمان في قلبه، سبحان الله، فانظر تأثير القرآن الكريم مع أن الرسول ﷺ ما دعاه في تلك الساعة، لكن سمع هذه الآية العجيبة العظيمة، فكاد قلبه يطير، ﴿أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون﴾ والجواب بكل سهولة: لا، في الأمرين، لا خلقوا من غير شيء، ولا هم الخالقون، بل لهم خالق وهو الله سبحانه وتعالى، ولا أحد يمكن أن ينكر هاتين المقدمتين كلها حجة قطعية تدمغ كل كافر، يعني إذا قال: نعم لي خالق خلقني قلنا: إذن لماذا لا تعبده، لأنك عبد له مملوك له ﴿أم خلقوا السماوات والأَرض﴾ انتقل من الأدنى إلى الأعلى خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس، فانتقل من الأدنى إلى الأعلى ﴿أم خلقوا السماوات والأَرض﴾ والجواب: لا، لأن أم هنا مثل سابقاتها، بل أخلقوا السموات والأرض، والجواب: لا، وهم يقرون بهذا ﴿ولئن سألتهم من خلق السماوات والأَرض ليقولن خلقهن العزيز العليم﴾.
ولكن مع ذلك لا يعترفون بالرسالة، ولهذا قال: ﴿بل لا يوقنون﴾، يعني ليس عندهم إيقان في خلق السموات والأرض أن الذي خلقهم هو الله، لأنه لو كان عندهم


الصفحة التالية
Icon