البنات ولهم البنون، لأنهم ادعوا أن جند الله تعالى بنات، وأن لهم البنين، ومعلوم أن من له البنين غالب على من له البنات، لأن جنده رجال ذكور، أقوى وأحزم وأقدم من النساء، وقد جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً، كما قال الله تعالى عنهم ذلك قال: ﴿وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إنثاً أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسئلون﴾.
يعني لم يشهدوا خلقهم حتى يقولوا: إنهم بنات ﴿ستكتب شهادتهم﴾ أي شهادتهم هذه التي هي زور وكذب، ﴿ويسئلون﴾، فهؤلاء المكذبون للرسول عليه الصلاة والسلام من قريش قالوا: لهم البنون ولله البنات، قال الله تعالى: ﴿ويجعلون لله البنت سبحانه ولهم ما يشتهون﴾. والذين يشتهون هم الذكور حتى إن أحدهم إذا بُشِّر بالأنثى ﴿ظل وجهه مسودا وهو كظيم﴾. أي: مملوء غيظاً وغمًّا ﴿يتوارى من القوم﴾ يختبىء من القوم ﴿من سوء ما بشر به﴾. ثم يتردد ﴿أيمسكه على هون﴾ أي: على ذل وهوان ﴿أم يدسه في التراب﴾ يرميه فيه وهذه المؤودة ﴿ألا ساء ما يحكمون﴾.
﴿أم تسئلهم أجراً فهم من مغرم مثقلون﴾ يعني بل أتسألهم، والاستفهام هنا للنفي وكل (أم) هنا الاستفهام للنفي والتوبيخ، يعني هل أنت يا محمد حين دعوتهم إلى الله - عز وجل - هل أنت تقول أعطوني أجراً مثقلاً كبيراً لا يستطيعونه حتى يردوك، والجواب: لا، قال الله تعالى: ﴿قل مآ أسئلكم عليه من أجر ومآ أنآ من المتكلفين﴾. فالنبي ﷺ لم يقل لأي واحد: أعطني أجراً على دعوتي إياك، بل هو ﷺ يبذل المال ليؤلف القلوب، كما أعطى