مثل هذا الأسلوب لا يعني أن مخاطبه حال في عينه، بل المعنى أنت مني على مرأى، وعلى رقابة، وعلى حماية. وفي هذه الآية إثبات العين لله - عز وجل - وهي حقيقية ولكنها لا تماثل أعين الخلق، لقوله تعالى: ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير﴾.
﴿وسبح بحمد ربك حين تقوم﴾ أي: قل: سبحان الله وبحمده ﴿حين تقوم﴾ من أي شيء، حين تقوم من مجلسك، أو حين تقوم من منامك، فهي عامة، ولهذا كان كفارة المجلس أن يقول الإنسان: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك» (١)، فينبغي للإنسان كلما قام من مجلس أن يختم مجلسه بهذا: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك»، ﴿ومن الليل فسبحه﴾ يعني وسبح ربك من الليل لا كل الليل، و (من) هنا للتبعيض، ولهذا لما سمع النبي ﷺ بأقوام من أصحابه قال أحدهم: (أنا أقوم ولا أنام) قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أما أنا فأقوم وأنام، ومن رغب عن سنتي فليس مني» (٢) ولذلك يكره للإنسان أن يقوم الليل كله حتى لو كان فيه قوة ونشاط، فلا يقوم الليل كله إلا في العشر الأواخر من رمضان، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يحيي ليلها كله (٣)، ﴿وإدبار النجوم﴾ يعني وقت أدبارها، وهل المراد
_________
(١) أخرجه الترمذي، كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا قام من المجلس (٣٤٣٣) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
(٢) تقدم ص ٢٩.
(٣) أخرجه البخاري، كتاب فضل ليلة القدر، باب العمل في العشر الأواخر من رمضان (رقم ٢٠٢٤) ومسلم، كتاب الاعتكاف، باب الاجتهاد في العشر الأواخر من شهر رمضان (رقم ١١٧٤).