فقط، وأما قوله تعالى: ﴿وما جعلنا الرءيا التى أريناك إلا فتنةً للناس﴾ فالمراد بها رؤية العين، لا رؤية المنام، يقول الله تعالى في سياق الآيات في المعراج: ﴿ما كذب الفؤاد ما رأى﴾ الفؤاد القلب، والمعنى أن ما رآه النبي ﷺ بعينه فإنه رآه بقلبه وتيقنه وعلمه، وذلك أن العين قد ترى شيئاً فيكذبها القلب، وقد يرى القلب شيئاً فتكذبه العين، فمثلاً قد يرى الإنسان شبحاً بعينه فيظنه فلاناً ابن فلان، ولكن القلب يأبى هذا، لأنه يعلم أن فلاناً ابن فلان لم يكن في هذا المكان، فهنا العين رأت، والقلب كذَّب، أو بالعكس، قد يتخيل الإنسان الشيء بقلبه ولكن العين تكذبه، أما ما رآه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليلة المعراج فإنه رآه حقًّا ببصره وبصيرته، ولهذا قال: ﴿ما كذب الفؤاد ما رأى﴾ بل تطابق القلب مع رؤية العين، فلم يكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كاذباً فما رآه من الآيات العظيمة في تلك الليلة بل هو صادق، ولكن المشركين كذبوه، وقالوا: كيف يمكن أن يصل إلى بيت المقدس ويعرج إلى السماء في ليلة واحدة، ولهذا قال: ﴿أفتمارونه على ما يرى﴾ والاستفهام هنا للإنكار والتعجب، ومعنى تمارونه أي: تجادلونه بقصد الغلبة، لهذا عداها بعلى دون (في)، فلم يقل: (أفتمارونه في ما يرى) بل قال ﴿على ما يرى﴾، إشارة إلى أن الفعل ضمن معنى المغالبة، أي أفتجادلونه تريدون أن تغلبوه على ما يرى، أي: على شيء رآه، ولكنه عبر عن الماضي بالمضارع إشارة إلى استحضار هذا الشيء، وأنه عليه الصلاة والسلام حين أخبر به كأنما يراه الآن، لأن
الإنسان إذا حدث عن ماضي فربما


الصفحة التالية
Icon