يخرجون منها، قال الله تعالى: ﴿ومن ورآئهم برزخ إلى يوم يبعثون﴾ فالناس لابد أن يبعثوا، والعبارة التي نسمعها أو نقرأها أحياناً أن الرجل حملوه إلى مثواه الأخير، يعني إلى المقبرة عبارة غير صحيحة، لأن القبور ليست المثوى الأخير، ولو كان قائلها يعتقد معناها لكان لازم ذلك أنه ينكر البعث ﴿إذ يغشى السدرة ما يغشى﴾ السدرة هي سدرة المنتهى، لأنه تعالى قال: ﴿ولقد رءاه نزلةً أخرى عند سدرة المنتهى﴾ :﴿إذ يغشى السدرة﴾ وأل في مثل هذه العبارة تسمى عند النحويين (ال) للعهد الذكري كقوله تعالى: ﴿كمآ أرسلنآ إلى فرعون رسولاً فعصى فرعون الرسول فأخذنه أخذاً وبيلاً﴾ ﴿ما يغشى﴾، أبهم الله ذلك للتفخيم والتعظيم، يعني غشيها شيء عظيم بأمر الله عزوجل بلحظة، كن فيكون، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنه غشيها من الحسن والبهاء ما لايستطيع أحد أن يصفها (١)،
﴿ما زاغ البصر وما طغى﴾ البصر بصر النبي صلى الله عليه وسلم، يقول العلماء: ﴿زاغ﴾ أي انحرف يميناً وشمالاً، ﴿وما طغى﴾ أي: تجاوز أمامه، فالرسول ﷺ كان على كمال الأدب في هذا المقام العظيم، لم يلتفت يميناً وشمالاً، ولم يتقدم بصره أكثر مما أذن له فيه، وهذا من كمال أدبه عليه الصلاة والسلام، وجرت العادة أن الإنسان إذا دخل منزلاً غريباً تجده ينظر يميناً وشمالاً في هذا المنزل، وخصوصاً إذا تغير تغيراً عظيماً في هذه اللحظة، لابد أن ينظر ما الذي حدث، لكن لكمال أدب النبي ﷺ ورباطة جأشه صلوات الله وسلامه عليه وتحمله ما لا
_________
(١) انظر تفسير الدر المنثور (٧/٦٤٣ ٦٥٢)..


الصفحة التالية
Icon