اسم تفضيل. وغلط من قال من المفسرين المتأخرين: إن الكبرى اسم فاعل، بل هي اسم تفضيل، لأن آيات الله - عز وجل - إما كبيرة، وإما كبرى عظمى، فالمعراج الذي حصل لا شك أنه من الآيات الكبرى العظيمة.
ولما بين الله سبحانه وتعالى ما رآه النبي ﷺ من آيات ربه العظيمة في الآفاق، قال: ﴿أفرءيتم اللات والعزى﴾ وهذا الاستفهام للتحقير وانحطاط رتبة هذه الأصنام التي ذكرها الله - عز وجل - يعني أخبروني بعد أن سمعتم من آيات الله الكبرى ما سمعتم، أخبروني عن شأن هذه الأصنام وما قيمتها، وما مرتبتها، وما عزتها ﴿أفرءيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأُخرى﴾ هذه ثلاثة أصنام مشهورة عند العرب يعبدونها من دون الله، ويخضعون لها كما يخضعون لله، ويتقربون إليها كما يتقربون لله - عز وجل -، ومع ذلك هم يعتقدون أنها لا تنفعهم عند الشدة، فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين، وعلموا أنه لا منجي من هذه الشدة إلا رب العالمين، لكن الشيطان سوَّل لهم وأملى لهم في عبادة هذه الأصنام التي يدعون أنها تقربهم من الله تعالى، كما قال الله عنهم ﴿ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى﴾ ولكن في الحقيقة لا تقربهم إلى الله بل تبعدهم منه، ﴿أفرءيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأُخرى﴾ الثالثة بالنسبة لاثنتين قبلها ﴿الأُخرى﴾ يعني المتأخرة وكأنها - والله أعلم - دون اللات والعزى في المرتبة عند العرب، ثم قال تعالى منكراً على هؤلاء المشركين ﴿ألكم الذكر وله الأُنثى﴾ يعني أتجعلون لكم الذكور،