الهدى، وفي قوله: ﴿من ربهم﴾ ولم يقل: من الله.
إشارة إلى أنه لا يجوز تلقي الشريعة إلا من عند الله، لأن الله سبحانه وتعالى هو الرب، والرب هو الخالق المالك المدبر ﴿الهدى﴾، فاعل والمراد به العلم المقابل بقوله ﴿إن يتبعون إلا الظن﴾ فهم يتبعون الظن، والعلم جاء من عند الله، ﴿ولقد جاءهم من ربهم الهدى﴾ أي: العلم على لسان الرسل عليهم الصلاة والسلام، الذين خُتموا بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ﴿أم للإنسان ما تمنى﴾ (أم) هنا منقطعة؛ لأنها تأتي منقطعة وتأتي متصلة، فإذا كان هناك مقابل فهي متصلة، وإذا لم يكن مقابل فهي منقطعة، فإذا قلت: أعندك زيد أم عمرو؟ فهي متصلة، وإذا قلت في مثل هذه الآية ﴿أم للإنسان ما تمنى﴾ فهي بمعنى بل، وهمزة استفهام، يعني بل أللإنسان ما تمنى، والاستفهام هنا للإنكار والنفي، أي ليس للإنسان ما تمنى، كم يتمنى الإنسان من شيء ولكن لا يحصل، لأن هناك مدبراً، وهو الله - عز وجل - فليس للإنسان ما تمنى، وفي هذا إشارة إلى رد صنيع هؤلاء المشركين الذين يعبدون الأصنام، ويقولون: إنها تقربهم إلى الله، وليس لهم ذلك، وأيضاً رد لقولهم: إن لله البنات ولهم البنين، وليس لهم ذلك، وهم وإن تمنوا ذلك وصار في مخيلتهم فإنه لا يحصل، وليس للإنسان ما تمنى، كثيراً ما يتمنى الإنسان شيئاً ولكن لا يحصل، كثيراً ما يتمنى الشيء ويسعى في أسبابه ولكن لا يحصل، لأن الأمر بيد الله - جل وعلا - ولهذا قال: ﴿فلله الآخرة والأُولى﴾ وبدأ بالآخرة، لأن ملك الله - عز وجل - في الآخرة يظهر أكثر مما في الدنيا،