بالفعل، ومن سيحصل منه، لأن الله - سبحانه وتعالى - موصوف بالعلم التام في الحاضر والمستقبل والماضي، وقوله: ﴿وهو أعلم بمن اهتدى﴾ ضد الضلال، فالناس بين فئتين: إما مهتدٍ وإما ضال، وإنما بيَّن الله سبحانه وتعالى أنه أعلم بمن ضل عن سبيله، وبمن اهتدى؛ لفائدتين:
الفائدة الأولى: أن نعلم أن ما وقع من الضلال والهداية فهو صادر عن علم الله وبإرادته، إذ لا يمكن أن يوجد في خلقه خلاف معلومه، ولو قدر أن يوجد في خلقه خلاف معلومه لكان الله جاهلاً - وحاشاه من ذلك -.
الفائدة الثانية: التحذير من الضلال، والترغيب في الاهتداء، مادام الإنسان يعلم أن أي عمل صدر منه فعلمه عند الله، فإنه سوف يخشى أن يعصي الله، وسوف يسعى أن يرضي الله - عز وجل -.
كأنه يقول: إن ضللت فالله أعلم بك، وإن اهتديت فالله أعلم بك، فيجزي الذين أساءوا بما عملوا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى.
﴿ولله ما في السماوات وما في الأَرض﴾ يقول علماء البلاغة: إنه إذا تقدم شيء حقه التأخير فهو دليل على الحصر والتخصيص، فلننظر في هذه الآية هل فيه تأخير وتقديم: ﴿ولله ما في السماوات وما في الأَرض﴾ (لله) خبر مقدم (وما في السموات) مبتدأ مؤخر، إذاً قدم فيها ما حقه التأخير وهو الخبر؛ لأن حق الخبر أن يكون متأخراً عن المبتدأ. تقول: الرجل قائم ولا تقول: قائم الرجل،


الصفحة التالية
Icon