الفائدة الثانية: الرضا بشرعه وقبول شرعه والقيام به، لأنك ملكه، إذا قال لك: افعل. فافعل، وإذا قال: لا تفعل. فلا تفعل، أرأيت لو كان لك عبد رقيق فأمرته، ولكنه لم يفعل، أو نهيته ففعل، فالسيادة ناقصة، إذاً أنت إذا عصيت ربك: إما بفعل محرم وإما بترك واجب، فإنك خرجت عن مقتضى العبودية التامة؛ لأن مقتضى العبودية التامة أن تخضع لشرعه، كما أنك خاضع كرهاً أو طائعاً لقضائه وقدره، فانتبه ليس معنى قوله تعالى: ﴿ولله ما في السماوات وما في الأَرض﴾ أن يخبرنا أنه مالك فقط، لكن لأجل أن نعتقد مقتضى هذا الملك، وهو الرضا بقضائه، والرضا بشرعه، هذه حقيقة الملك. ﴿ليجزى الذين أساءوا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى﴾ جاءت كلمة ﴿ليجزى﴾ كأن قائلاً يقول: وإذا تبين أن الملك لله - عز وجل - فما النتيجة؟ النتيجة أن الناس بين محسن وبين مسيء كما قال - عز وجل -: ﴿هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن﴾ وإذا كانوا بين محسن ومسيء فما جزاء كل واحد ﴿ليجزى الذين أساءوا بما عملوا﴾ الذين أساءوا هم الذين خالفوا المأمور أو ارتكبوا المحظور، هؤلاء الذين أساءوا ليجزيهم بما عملوا، السيئة بالسيئة لا تزيد، أو يعفو - عز وجل - عمن يستحق العفو، وهو كل من مات على غير الشرك ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ فلا يمكن أن يزيد سيئة لم يعملها الإنسان، ولهذا قال: ﴿ليجزى الذين أساءوا بما عملوا﴾.
بدون زيادة ﴿ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى﴾ ولم يقل: بما عملوا، لأن فضل الله أوسع من أعمالنا، يجزي الذين أحسنوا بالحسنى، فأنت إذا فعلت حسنة


الصفحة التالية
Icon