وفي قوله تعالى: ﴿إن ربك واسع المغفرة﴾ إشارة إلى أن الصغائر تغفر، وقد ثبت في القرآن الكريم أن الصغائر تغفر باجتناب الكبائر، فقال جل وعلا: ﴿إن تجتنبوا كبآئر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً﴾. ولهذا قال: ﴿إن ربك واسع المغفرة﴾ أما إذا قلنا: اللمم القليل من الفواحش والكبائر، فيكون قوله: ﴿إن ربك واسع المغفرة﴾ إشارة إلى أن الكبائر إذا تاب الإنسان منها غفر الله له، وكأنها لم تكن، وإن لم يتب منها فهو تحت المشيئة: إن شاء غفر الله له، وإن شاء عاقبه بما يستحق، هذه الكبيرة، وللأسف يوجد قوم من هذه الأمة يقولون: إن الكبيرة لا تغفر، وهم الخوارج والمعتزلة يقولون: إن الإنسان إذا فعل كبيرة خرج من الإيمان، لكن الخوارج يقولون: خارج من الإيمان داخل في الكفر. والمعتزلة يقولون: خارج من الإيمان غير داخل في الكفر بل هو في منزلة بين منزلتين، لكن قولهم باطل، والصواب: أن فاعل الكبيرة داخل تحت قوله تعالى: ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ فلو قال قائل: إذا قلت هذا فتحت الباب على مصراعيه لفعل الكبائر، لأن أي إنسان يفعل كبيرة ويقول: أنا يمكن أن يغفر الله لي، وهذا يحتج به العوام، يقول: إذا كان الله يقول: ﴿ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ أي ما دون الشرك لمن يشاء، إذاً سأفعل الكبائر، ويغفر الله لي، فهذه حجة فكيف تجيبه؟
نجيبه: أن الله تعالى قال: ﴿ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ ولم يقل لكل أحد بل قال: ﴿لمن يشاء﴾ فهل أنت تتيقن أنك ممن


الصفحة التالية
Icon