أغفرها لك اليوم» (١)، لكن في الأصل أن سعي الإنسان سوف يرى ﴿ثم يجزاه الجزاء الأَوفى﴾ أي: بعد أن يرى يجزى عليه الجزاء الأوفى، أي: الأكمل، والأوفى في الصالح زيادة المثوبة، والأوفى في السيء العدل بحيث لا يزاد في سيئاته، وعلى هذا فالأوفى يفسر بمعنى العدل، ويفسر بالزيادة والفضل، العدل في السيئة لا يمكن أن يزاد سيئة. والفضل في الحسنات، الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
﴿وأن إلى ربك المنتهى﴾ هذه الآية فيها قراءتان: القراءة الأولى فتح الهمزة: ﴿وأن إلى ربك المنتهى﴾ والثانية كسر الهمزة ﴿وإنَّ إلى ربك المنتهى﴾ وكلاهما قراءتان صحيحتان سبعيتان، إذا قرأ الإنسان بإحداهما صح، بل الأولى للإنسان الذي يعرف القراءات أن يقرأ بهذه القراءة مرة، وبهذه القراءة مرة أخرى، لكن لا يقرأ على ملأ من الناس وسماع منهم، لأن العامة إذا سمعوك تقرأ على خلاف ما يقرأون فسيحصل بذلك مفسدة، إما أن يقولوا: إن هذا الرجل لا يعرف القرآن، وإما أن يتشككوا في القرآن، حيث يظن العامي أن القرآن يمكن أن يبدل أو يغير، لذلك ننصح إخواننا الذين أعطاهم الله تعالى علماً في القراءات أن لا يقرأوا إلا بالقراءة المعروفة عند العامة حتى لا يحصل اللبس، لكن فيما بينك وبين نفسك إذا كنت تدرك القراءة الثانية إدراكاً تامًّا فاقرأ بها أحياناً؛ لأن الكل كلام الله - عز وجل - فإذا كانت بالكسر: ﴿وإنَّ إلى ربك المنتهى﴾ صارت هذه الجملة وما بعدها
_________
(١) تقدم تخريجه ص ٢٣٤.