يختلف لا شك أن الأول أشد من الثاني.
﴿وأنه هو أغنى﴾ أي: أن الله تعالى هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، فهو الذي أغنى من شاء من خلقه ﴿وأقنى﴾ قيل: المعنى أفقر؛ لأنها في مقابلة (أغنى) وقيل: أغنى بالكفاية، وأقنى بما زاد على الكفاية، فالله عز وجل بسط لعباده الرزق، فمنهم من أغناه عن غيره، ومنهم من أقناه، أي: جعل له قنية وهي الزائد عن الكفاية، والقاعدة: أن الكلمة إذا كانت تحتمل معنيين لا منافاة بينهما ولا مرجح لأحدهما على الآخر فإنها تحمل عليهما؛ لأنه أعم للمعنى، فالذي يغني هو الله عز وجل، والذي يقني هو الله عز وجل، وليست هذه الأصنام التي هي مناة والعزى، بل ذلك إلى الله عز وجل.
﴿وأنه هو رب الشعرى﴾ أتى بضمير الفصل تأكيداً للجملة، و ﴿رب الشعرى﴾ أي: هو خالقها ومالكها ومدبرها، والشعرى هي النجم المضيء الذي يخرج في شدة الحر، ونص على هذا النجم؛ لأن بعض العرب كانوا يعبدونها ويعظمونها، فبين تبارك وتعالى أن الشعرى من جملة المخلوقات المربوبات وليست إلهاً، ولا تستحق أن تعبد، ﴿وأنه﴾ أي: الله - عز وجل - ﴿أهلك عاداً الأُولى﴾ وهم قوم هود، و (الأولى) وصف كاشف، وليس وصفاً مقيداً، يعني ليس هناك عاد أولى وعاد ثانية، بل هي واحدة، لكنها عاد قديمة سابقة، ولهذا وصفها بأنها الأولى أي: أنها القديمة السابقة وليس ثمة عاد أخرى، وهم قوم هود، وكان الله تعالى قد أعطاهم من القوة والنشاط وشدة البطش ما ليس


الصفحة التالية
Icon