ذات ألواح ودسر، يعني على سفينة ذات ألواح ودسر، وكان نوح عليه الصلاة والسلام يصنعها، فيمر به قومه ويسخرون منه قال الله عز وجل: ﴿ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم﴾ وهذه السفينة وصفها الله بأنها ذات ألواح، وألواح جمع منكر يدل على شيئين: الشيء الأول كثرة ألواحها، والثاني: عظمة هذه الألواح، ومتانتها، وحق لسفينة تحمل البشر على ظهرها أن تكون ذات ألواح عظيمة ﴿ودسر﴾ أي: مسامير، وقيل: إن الدسر ما تربط به الأخشاب فيكون أعم من المسامير، لأن الأخشاب قد تربط بالمسامير وقد تربط بالحبال، فالمهم أن توثيق هذه الألواح بعضها ببعض كان قويًّا، وإنما ذكر الله سبحانه وتعالى مادة صنع السفينة، وأنها من الأخشاب والمسامير، أو الروابط التي تربط بين تلك الأخشاب؛ ليكون ذلك تعليماً للبشر أن يصنعوا السفن على هذا النحو، ﴿تجري﴾ أي: تسير على هذا الماء العظيم الذي بلغ قمم الجبال، والتقى فيه ماء الأرض وماء السماء، ﴿بأعيننا﴾ أي: ونحن نراها بأعيننا، ونكلأها ونحفظها، والباء في قوله: ﴿بأعيننا﴾ للمصاحبة يعني أن عين الله - عز وجل - تصحب هذه السفينة، فيراها الله - عز وجل - ويكلأها ويحفظها، لأنها سفينة بنيت لتقوى الله - عز وجل - وإنجاء أولياءه من الغرق، الذي شمل أعداءه ﴿جزاءً لمن كان كفر﴾ أي: مكافأة لمن كان كُفِر به وهو نوح عليه الصلاة والسلام - لأن قومه كفروا به وكذبوه - فبين الله - عز وجل - أن