﴿كذبت عاد﴾ هذه هي الأمة الثانية ممن قصهم الله علينا في هذه السورة الكريمة، وعاد تتلوا قوم نوح غالباً، وقد تتقدم عليها كما في سورة (الذاريات)، ولكن الغالب أن قصة نوح هي الأولى في قصص الأنبياء لأنه أول نبي أرسل إلى أهل الأرض، وعاد هم قوم هود، كما قال تعالى: ﴿ألا بعدًا لعاد قوم هود﴾ كذبوا نبيهم هوداً عليه الصلاة والسلام، وكانوا أقوياء أشداء، وكانوا يفتخرون بشدتهم وقوتهم، ويقولون: ﴿من أشد منا قوةً﴾، قال الله تعالى: ﴿أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوةً وكانوا بآياتنا يجحدون فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً﴾ يقول هنا ﴿كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر﴾، والجواب: كان شديداً عظيماً واقعاً موقعه، فالاستفهام للتفخيم والتعظيم والتقرير، وهو أن عذاب الله كان عظيماً، وكان واقعاً موقعه، ﴿ونذر﴾ يعني: آياته، كذلك كانت عظيمة واقعة موقعها، فبماذا أهلكهم الله؟ أهلكهم الله بألطف شيء وهو الريح التي تملأ الآفاق، ومع ذلك لا يحس الإنسان بها، لأنها سهلة لينة يخترقها الإنسان بسهولة، مكاننا الذي نحن فيه مملوء بالهواء ومع ذلك نخترقه ولا نحس به، فهي من ألطف الأشياء، فأهلك الله عاداً الذين يفتخرون بقوتهم بهذه الريح، ﴿إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في يوم نحس مستمر﴾ الجملة هنا مؤكدة بإن و ﴿أرسلنا﴾ يعني الرب - عز وجل - نفسه، وجمع الضمير للتعظيم ﴿عليهم﴾، أي على عاد ﴿ريحاً صرصراً﴾، أي: ذات صرير لقوتها وشدتها، حتى إن مجرد نفوذها يسمع له صرير، وإن لم تصطدم بما يقتضي الصرير، لأنها قوية جداً، وهي الريح