على صدق رسالة موسى صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كذبوا بها وقالوا: إن موسى مجنون، وإنه ساحر، حتى إن فرعون من كبريائه قال: ﴿إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون﴾، ولما كذبوا بالآيات أخذهم الله ﴿أخذ عزيز﴾ أي: غالب، ﴿مقتدر﴾ أي: قادر، ولكنها أبلغ من كلمة (قادر) لما فيها من زيادة الحروف، وإنما ذكر الله تعالى أنه أخذهم ﴿أخذ عزيز مقتدر﴾ لأن فرعون كان متكبراً، وكان يقول: ﴿أنا ربكم الأَعلى﴾، وكان يسخر من موسى ومن أرسله، فناسب أن يذكر الله تعالى أخذه أخذ عزيز مقتدر، وقد أجمل الله تعالى هذه القصة في هذه الآية، ولكنه بينها في آيات كثيرة، وأن أخذهم كان بإغراقهم في البحر، فأغرقه الله - عز وجل - بمثل ما كان يفتخر به، لأنه كان يقول لقومه: يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي، يقررهم بهذا، سيقولون: بلى، أفلا تبصرون.
﴿أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين﴾، يعني بذلك موسى، فأغرقهم الله في اليم حين جمع فرعون جنوده واتبع موسى ومن اتبعه ليقضي عليهم، ولكن الله بحمده وعزته قضى عليهم، ثم قال تعالى: ﴿أكفاركم خير من أولائكم﴾ الخطاب هنا لقريش، أي: يعني هل كفاركم خير من هذه الأمم السابقة التي أهلكها الله؟ ﴿أم لكم براءة في الزبر﴾ يعني أم لكم براءة في الكتب أن الله مبرئكم من عاقبة أفعالكم؟ والجواب لا هذا ولا هذا، يعني إما أن يكون كفاركم خير من الكفار السابقين، وإما أن يكون لكم براءة من الله - عز وجل - كتبها الله لكم ألا يعاقبكم، وكل هذا لم يكن، فليس كفارهم خيراً من