مسنون، كل هذه أوصاف للتراب ينتقل من كونه تراباً، إلى كونه طيناً، إلى كونه حمأ، إلى كونه صلصالاً، إلى كونه كالفخار، حتى إذا استتم نفخ الله فيه من روحه فصار آدمياً، ﴿وخلق الجآن﴾ وهم الجن ﴿من مارج من نار﴾، المارج هو المختلط الذي يكون في اللهب إذا ارتفع صار مختلطاً بالدخان، فيكون له لون بين الحمرة والصفرة، فهذا هو المارج من نار، والجان، خلق قبل الإنس، ولهذا قال إبليس لله - عز وجل -: ﴿أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين﴾ ﴿فبأي ءالآء ربكما تكذبان﴾ أي: بأي نعمة من نعم الله تكذبون، حيث خلق الله - عز وجل - الإنسان من هذه المادة، والجن من هذه المادة، وأيهما خير التراب أم النار؟ التراب خير، لا شك فيه، ومن أراد أن يطلع على ذلك فليرجع إلى كلام ابن القيم - رحمه
الله - في كتاب «إغاثة اللهفان من مكائد الشيطان» ﴿رب المشرقين ورب المغربين﴾ يعني هو رب، فهي خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: هو رب المشرقين ورب المغربين، يعني أنه مالكهما ومدبرهما، فما من شيء يشرق إلا بإذن الله، ولا يغرب إلا بإذن الله وما من شيء يحوزه المشرق والمغرب إلا لله - عز وجل - وثنى المشرق هنا باعتبار مشرق الشتاء ومشرق الصيف، فالشمس في الشتاء تشرق من أقصى الجنوب، وفي الصيف بالعكس، والقمر في الشهر الواحد يشرق من أقصى الجنوب ومن أقصى الشمال، وفي آية أخرى قال الله تعالى: ﴿فلا أقسم برب المشارق والمغارب﴾ فجمعها، وفي آية ثالثة ﴿رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً﴾ فما