مكفِّرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر» (١).
﴿أولئك هم الراشدون﴾. أولئك: المشار إليه من حبب الله إليهم الإيمان وزيَّنه في قلوبهم، وكرَّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان ﴿هم الراشدون﴾ يعني الذين سلكوا طريق الرشد، والرشد في الأصل: حسن التصرف، وهو في كل موضع بحسبه، فالرشد في المال أن يحسن الإنسان التصرف فيه، ولا يبذله في غير فائدة، والرشد في الدين: هو الاستقامة على دين الله - عز وجل - فهؤلاء الذين حبَّب الله إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم وكرَّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان هم الراشدون، وهنا تجد هذه الأفعال كلها مضافة إلى الله، ولهذا قال بعدها: ﴿فضلاً من الله﴾ يعني أن الله أفضل عليكم فضلاً أي تفضُّلاً منه، وليس بكسبكم، ولكنه من الله - عز وجل - ولكي يُعلم أنّ الله تعالى أعلم حيث يجعل رسالته، وأعلم حيث يجعل الإيمان في الشخص، فمن علم الله منه حُسن النية، وحُسن القصد والإخلاص حبَّب إليه الإيمان وزيَّنه في قلبه، وكرَّه إليه الكفر والفسوق والعصيان، ومن لم يعلم الله منه ذلك فإنَّ الله تعالى يقول: ﴿فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم﴾ ويقول الله - عز وجل -: ﴿فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم﴾ فالذنوب سبب للمخالفة والعصيان، فهؤلاء الذين تفضَّل الله عليهم وأنعم عليهم نعمة الدين هم الذين وُفقوا للحق، قال الله - عز وجل -: ﴿فضلاً من الله ونعمةً﴾ يعني إنعاماً
_________
(١) أخرجه مسلم، كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان... (٢٣٣) (١٦).