جانب، ولولا أن الله تعالى يسرها لكان في ذلك فوات خير كثير للبلاد التي تنقل منها والبلاد التي تنقل إليها، وفي هذا العصر جعل الله تبارك وتعالى جواري أخرى، لكنها تجري في الجو، كما تجري هذه في البحر، وهي الطائرات، فهي منة من الله - عز وجل - كمنته على عباده في جواري البحار، بل ربما نقول: إن السيارات أيضاً من جواري البر، فتكون الجواري ثلاثة أصناف: بحرية، وبرية، وجوية، وكلها من نعم الله - عز وجل -، ولهذا قال: ﴿فبأي ءالآء ربكما تكذبان﴾ أي بأي: نعمة من نعم الله تكذبان، والخطاب للإنس والجن، ثم قال - عز وجل -: ﴿كل من عليها﴾ أي: كل من على الأرض ﴿فان﴾ أي: ذاهب من الجن والإنس والحيوان والأشجار، قال الله تبارك وتعالى: ﴿إنا جعلنا ما على الأَرض زينةً لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً﴾ أي: خالية، وقال الله تعالى: ﴿ويسئلونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً فيذرها قاعاً صفصفاً﴾ أي: يذر الأرض قاعاً صفصفاً، أو يذر الجبال بعد أن كانت عالية شامخة قاعاً كالقيعان مساوية لغيرها، صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً، ﴿ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام﴾ أي: يبقى الله - عز وجل - ذو الوجه الكريم، وكان بعض السلف إذا قرأ هاتين الآيتين وصل بعضهما ببعض، قال: ليتبين بذلك كمال الخالق ونقص المخلوق (١) ؛
لأن المخلوق فانٍ والرب باقٍ، وهذه الملاحظة
_________
(١) انظر: تفسير ابن كثير رحمه الله سورة الرحمن حيث نسبه للشعبي رحمه الله..


الصفحة التالية
Icon