مدت وألقت ما فيها وتخلت وأذنت لربها وحقت...
أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه} ﴿فكانت وردةً﴾ أي: مثل الوردة في الحمرة ﴿كالدهان﴾، كالجلد المدهون، ﴿فبأي ءالآء ربكما تكذبان﴾ ﴿فيومئذ﴾ أي: إذا انشقت ﴿لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جآن﴾ لماذا؟ لأن كل شيء معلوم، والمراد لا يسأل سؤال استرشاد واستعلام، لأن كل شيء معلوم، أما سؤال تبكيت فيسأل مثل قوله تعالى: ﴿ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين فعميت عليهم الأَنباء يومئذ فهم لا يتساءلون﴾ وقال - عز وجل -: ﴿إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين﴾ وقال - عز وجل - لأهل النار وهم يلقون فيها: ﴿أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى﴾ وأمثالها كثير، إذن لا يسأل عن ذنبه سؤال استرشاد واستعلام، وإنما يسألون سؤال تبكيت وتوبيخ، وما جاء من سؤال الإنس والجن عن ذنوبهم: هل أنت عملت أو لم تعمل؟ فهو سؤال تبكيت وتوبيخ، وهناك فرق بين سؤال الاسترشاد وسؤال التوبيخ فلا تتناقض الآيات، فما جاء أنهم يسألون فهو سؤال توبيخ، وما جاء أنهم لا يسألون فهو سؤال استرشاد واستعلام، لأن الكل معلوم ومكتوب، ﴿فبأي ءالآء ربكما تكذبان يعرف المجرمون بسيماهم﴾ أي: بعلامتهم يعرفون، ومن علاماتهم - والعياذ بالله - أنهم سود الوجوه، قال الله تعالى: ﴿يوم تبيض وجوه وتسود وجوه﴾ وأنهم يحشرون يوم القيامة زرقاً إما أنهم زرق أحياناً وسود أحياناً، وإما أنهم سود الوجوه زرق العيون، وإما


الصفحة التالية
Icon