مستريح يريد أن يتفكه من هذه الفواكه هل يقوم من مكانه الذي هو مستقر فيه متكىء فيه ليتناول الثمرة؟ بيّن الله بقوله تعالى ذلك ﴿وجنى الجنتين دان﴾ قال أهل العلم: إنه كلما نظر إلى ثمرة وهو يشتهيها، مال الغصن حتى كانت الثمرة بين يديه لا يحتاج إلى تعب وإلى قيام، بل هو متكىء، ينظر إلى الثمرة مشتهياً إياها، فتتدلى له بأمر الله - عز وجل - مع أنها جماد، لكن الله تعالى أعطاها إحساساً بأن تتدلى عليه إذا اشتهاها ولا تستغرب فهاهي الأشجار في الغالب تستقبل الشمس، انظر إلى وجوه الأوراق أول النهار تجدها متجهة إلى المشرق، وفي آخر النهار تجدها متجهة إلى المغرب ففيها إحساس، كذلك أيضاً جنى الجنتين دان قريب يحس، إذا نظر إليه الرجل أو المرأة فإنه يتدلى حتى يكون بين يديه، ﴿فبأي ءالآء ربكما تكذبان فيهن قاصرات الطرف﴾ ﴿فيهن﴾ أكثر العلماء يقولون: إن الضمير يعود إلى الجنتين، وأن الجمع باعتبار أن لكل واحد من الناس جنة خاصة به، فيكون ﴿فيهن﴾ أي في جنة كل واحد ممن هو في هاتين الجنتين قاصرات الطرف، وعندي أن قوله ﴿فيهن﴾ يشمل الجنات الأربع، هاتين الجنتين، والجنتين اللتين بعدهما، ﴿قاصرات الطرف﴾ يعني أنها تقصر طرفها أي نظرها على زوجها فلا تريد غيره، والوجه الآخر: قاصرات الطرف، أي: أنها تقصر طرف زوجها عليها فلا يريد غيرها، وعلى القول الأول يكون قاصرات مضافة إلى الفاعل، وعلى الثاني مضاف إلى المفعول ﴿لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جآن﴾ أي: لم يجامعهن، وقيل: إن الطمث مجامعة البكر، والمعنى


الصفحة التالية
Icon