يجب أن تعلم أنه لا يستوي هذا وهذا.
الاسم واحد والمسمى يختلف اختلافاً كثيراً، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿فلا تعلم نفس مآ أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون﴾ ولو كانت النخل والرمان كالنخل والرمان في الدنيا لكنا نعلم، لكننا لا نعلم، فالاسم واحد، ولكن الحقيقة مختلفة، ولهذا قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: «ليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء فقط» (١)، ﴿فبأي ءالآء ربكما تكذبان فيهن خيرات حسان﴾ ﴿فيهن﴾ وهذا جمع، وقد قال قبل ذلك ﴿فيهما﴾، لأن هذا الجمع يعود على الجنان الأربع، ففي الجنان الأربع قاصرات الطرف كما سبق، وفي الجنان الأربع ﴿خيرات حسان﴾ أي: في الأخلاق.
الأخلاق طيبة، حسان الوجوه والبدن، فالأول حسن الباطن وهذا حسن الظاهر ﴿فبأي ءالآء ربكما تكذبان حور مقصورات في الخيام﴾ الحوراء هي الجميلة، التي جملت في جميع خلقها، وبالأخص العين: شديدة البياض، شديدة السواد، واسعة مستديرة من أحسن ما يكون، ﴿مقصورات﴾ أي: مخبئات، ﴿في الخيام﴾ : جمع خيمة، والخيمة معروفة هي بناء له عمود وأروقة، لكن الخيمة في الآخرة ليست كالخيمة في الدنيا، بل هي خيمة من لؤلؤة طولها في السماء مرتفع جداً، ويرى من في باطنها من ظاهرها، ولا تسأل عن حسنها وجمالها، هؤلاء الحور مقصورات مخبئات في هذه الخيام على أكمل ما يكون من الدلال والتنعيم ﴿لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جآن﴾ يعني لم يجامعهن
_________
(١) أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة (رقم ١٢٤).