ينسفها ربي نسفاً ينسفها ربي نسفاً فيذرها} أي الأرض ﴿قاعاً صفصفاً لا ترىفيها عوجاً ولا أمتاً﴾ ﴿وكنتم﴾ الخطاب للآدميين عموماً ﴿أزواجاً ثلاثة﴾ أي أصنافاً، كما قال الله عز وجل: ﴿احشروا الذين ظلموا وأزواجهم﴾ أي: أصنافهم، وقال تعالى: ﴿وءاخر من شكله أزواج﴾ أي: أصنافاً، فمعنى أزواجاً يعني أصنافاً (ثلاثة) لا رابع لها: السابقون، وأصحاب اليمين، وأصحاب الشمال، فينقسم الناس يوم القيامة ثلاثة أقسام لا رابع لها ﴿فأصحاب الميمنة مآ أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة مآ أصحاب المشئمة والسابقون السابقون﴾ ذكرهم الله تعالى غير مرتبين في الفضل، فبدأ الله بأصحاب الميمنة ثم ثنَّى بأصحاب الشمال، ثم ثلَّث بالسابقين، لكن عند التفصيل بدأ بهم مرتبين على حسب الفضل
فبدأ بالسابقين، ثم بأصحاب اليمين، ثم بأصحاب الشمال، وهذا التفصيل المرتب خلاف الترتيب المجمل، وهو من أساليب البلاغة، ﴿فأصحاب الميمنة مآ أصحاب الميمنة﴾. يعني أنه - عز وجل - أخبر بأن أحد الأصناف أصحاب الميمنة، ثم قال ﴿مآ أصحاب الميمنة﴾ من هم، وسيأتي إن شاءالله ذكرهم مفصلاً، ﴿وأصحاب المشئمة﴾ أي: ذوو الشؤم، وسيأتي أيضاً ذكرهم مفصلاً، ﴿والسابقون السابقون﴾ هؤلاء أفضل الأصناف، وقوله ﴿والسابقون السابقون﴾.
أصح الأعاريب فيها أن قوله ﴿والسابقون﴾ مبتدأ، وخبره ﴿السابقون﴾، يعني أن السابقين إلى الأعمال الصالحة هم السابقون إلى الثواب في الآخرة، فكأنه قال: السابقون في الدنيا بالأعمال الصالحة هم السابقون في الآخرة بالثواب ﴿أولئك المقربون﴾، أي: إلى الله


الصفحة التالية
Icon