الحجاز، وربما يكون معروفاً غيره، يسمى المرخ والعفار، وهذا الشجر له خاصية إذا ضرب بالمرو أو بشيء ينقدح مع المماسة، اشتعل ناراً يوقد منه وهو معروف، ولهذا يقال:
في كل شجر النار واستنجد المرخ والعفار
يعني صار أعظمها، هذه النار التي نوقدها، ونطبخ عليها طعامنا، ونسخن مياهنا وننتفع بها أنشأها الله عز وجل ﴿نحن جعلناها تذكرةً﴾ أي: تذكر هذه النار بنار الآخرة، مع أن نار الآخرة فضلت بتسعة وستين جزءاً على نار الدنيا كلها، لما فيها من النيران الحارة الشديدة ﴿ومتاعا للمقوين﴾ أي: للمسافرين يتمتعون بالنار بالتدفئة، والدلالة على المكان، لأنهم في ذلك الوقت، وإلى وقت قريب كان الناس يستدلون على الأمكنة بنار يضعونها على مكان مرتفع تهدي الضال، ويضرب المثل في الدلالة بالعلم عليه النار، كما قالت الخنساء ترثي أخاها صخراً:
وإن صخراً لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار
﴿فسبح باسم ربك العظيم﴾ أي: سبح الله - عز وجل - بهذا الاسم، فقل: سبحان ربي العظيم، والتسبيح يعني أن الله تعالى منزه عن كل نقص وعيب، فإذا قلت: سبحان الله، فالمعنى أني أنزهك يا ربي من كل نقص وعيب، وقوله: ﴿العظيم﴾ أي: ذو العظمة البالغة، ولما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «اجعلوها في ركوعكم». ولما نزلت ﴿سبح اسم ربك الأَعلى﴾ قال: «اجعلوها في سجودكم» (١)، ولهذا
_________
(١) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده (رقم ٨٦٩) وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب التسبيح في الركوع والسجود (رقم ٨٨٧).