النفس وهو الحلقوم، وهو عبارة عن خرزات دائرية لينة منفتحة، أما المريء فإنه بالعكس فإنه كواحد من الأمعاء، ووجه ذلك أن مجرى النفس لابد أن يكون مفتوحاً، لأن النفس لو كان مجراه مغلقاً لكان التنفس شديداً، لكن برحمة الله جعل الله هذا مثل الأنبوب، لكنه لين، خرزات مستديرة، حتى يهون على المرء رفع رأسه وخفضه، أما المريء فهو مثل الأمعاء العادية، والطعام والشراب قوي يفتحه عند النزول إليه، وذكر الله الحلقوم دون المريء، لأن الحلقوم مجرى النفس، وبانقطاعه يموت الإنسان، فإذا بلغت الروح الحلقوم وهي صاعدة من أسفل البدن إلى هذا الموضع، حينئذ تنقطع العلائق من الدنيا، ويعرف الإنسان أنه أقبل على الآخرة وانتهى من الدنيا ﴿وأنتم حينئذ تنظرون﴾ أي تنظرون إلى الميت وما يعانيه من المشاق والسكرات، ولا تستطيعون أن تردوا ذلك عنه، ولو كنتم أقرب قريب إليه، وأحب حبيب إليه فإنه لا يقدر أحد على منع الروح إذا بلغت الحلقوم ﴿ونحن أقرب إليه منكم﴾ يعني أن الله تعالى أقرب إلى الحلقوم من أهله، ولكن المراد أقرب بملائكتنا، ولهذا قال: ﴿ولكن لا تبصرون﴾ والله تعالى يضيف الشيء إلى نفسه إذا قامت به ملائكته، لأن الملائكة رسله عليهم السلام، وليس هذا من باب تحريف الكلم عن مواضعه، ولكنه من باب تفسير الشيء بما يقتضيه السياق، لأنه ربما يقول قائل: إن ظاهر الآية
﴿ونحن أقرب إليه منكم﴾ أن الأقرب هو الله - عز وجل - فلماذا تحرفونه؟ فنقول: نحن لا نحرفها، بل فسرناها بما يقتضيه ظاهرها، لأن الله


الصفحة التالية
Icon