ينعم بها، وهي الدار التي أعدها الله لأوليائه - جعلنا الله منهم - ينعم الإنسان فيها ببدنه وقلبه، فهو لا يتعب ولا ينصب، ولا يمرض ولا يحزن، ولا يهتم ولا يغتم، بل هو في نعيم دائم، والدنيا فيها نعيم لكنه نعيم منغص على حد قول الشاعر:
فيوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر
وهكذا الدنيا إذا سرَّت يوماً فاستعد للإساءة من غد، وإذا أساءت يوم فقد تنعم في الثاني، أو لا تنعم، أما الجنة في الآخرة فهي دار نعيم في القلب ونعيم في البدن ﴿وأمآ إن كان من أصحاب اليمين﴾ وهم الذين أتوا بالواجبات وتركوا المحرمات، لكنَّ فيهم نقصاً في المستحبات والتنزه عن المكروهات ﴿فسلام﴾ أي: سلامة ﴿لك﴾ أي: أيها المحتضر ﴿من أصحاب اليمين﴾ أي: أنت من أصحاب اليمين، والمعنى: فسلام لك حال كونك من أصحاب اليمين، والأولون هم المقربون إليهم، وأصحاب اليمين لا سابقين ولا مخذولين، بين بين، لكنهم ناجون من العذاب، ولهذا قال: ﴿فسلام لك من أصحاب اليمين﴾ وهذا القسم الثاني، أما القسم الثالث: ﴿وأمآ إن كان من المكذبين الضآلين﴾ بالخبر ﴿الضآلين﴾ في العمل فلا تصديق ولا التزام، فكل كافر داخل في هذه الآية حتى المنافق ﴿فنزل من حميم﴾ أي: فله نزل من حميم، والنزل بمعنى الضيافة التي تقدم للضيف أول ما يقدم، فهؤلاء - والعياذ بالله - حظهم هذا النزل نزل من حميم، والحميم هو شديد الحرارة ﴿وتصلية جحيم﴾ أي يصلون الجحيم فيخلدون فيها، والجحيم من أسماء النار - اعاذنا الله وإياكم منها -


الصفحة التالية
Icon