وإلى هذا يوحي قول الرسول - عليه الصلاة والسلام -: «لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر» (١).
وفي الحديث القدسي: «يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار» (٢). فلماذا تسخر من هذا الرجل الذي هو دونك في العلم أو في المال، أو في الخُلُق، أو في الخلقة، أو في الحسب، أو في النسب، لماذا تسخر منه؟ أليس الذي أعطاك الفضل هو الله الذي حرمه هذا - في تصورك - فلماذا، ولهذا قال - عز وجل -: ﴿عسى أن يكونوا خيراً منهم﴾ رب ساخر اليوم مسخور منه في الغد، ورب مفضول اليوم يكون فاضلاً في الغد، وهذا شيء مشاهد، وفي بعض الآثار يروى: «من عيَّر أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله» (٣). وفي الآثار أيضاً: «لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك» (٤). إذن يجب على الإنسان أن يتأدب بما أدبه الله به، فلا يسخر من غيره عسى أن يكون خيراً منه، ﴿ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن﴾ ونص على النساء والرجال بالتفصيل، حتى لا يقول أحد: إن هذا خاص بالرجال، لو ذكر الرجال وحدهم، أو خاص
_________
(١) أخرجه مسلم، كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها، باب النهي عن سب الدهر (٢٢٤٦) (٥).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب ﴿وما يهلكنا إلا الدهر﴾ الآية (٤٨٢٦) ومسلم، كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها، باب النهي عن سب الدهر (٢٢٤٦).
(٣) أخرجه الترمذي، كتاب صفة القيامة، باب رقم ٥٣ (٢٥٠٥) وقال: هذا حديث غريب وليس إسناده بمتصل. وقال الألباني في ضعيف الجامع: موضوع (٥٧١٠).
(٤) أخرجه الترمذي، كتاب صفة القيامة، باب رقم ٥٤ (٢٥٠٦) وقال: هذا حديث حسن غريب، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (٦٢٤٥).


الصفحة التالية
Icon