وصلاة الفجر (١) »،
لأنه ليس هناك أضواء يشاهدون فيها، وهم إنما يصلون يراءون الناس، وفي يوم القيامة يظهر نور للمؤمنين والمنافقين، ثم ينطفىء نور المنافقين، وأنت تعلم أيها الإنسان أن انطفاء النور بعد ظهوره يكون أشد ظلمة مما لو لم يكن هناك نور، ولهذا لو أطفأت النور القوي ثم فتحت عينيك لم تر شيئاً إلا بعد برهة من الزمن، فيكون انطفاء النور بعد وجوده أشد عليهم مما لو لم يكن هناك نور، ثم تكون الحسرة أشد، فيقول المنافقون للذين آمنوا: ﴿انظرونا نقتبس من نوركم﴾، أي: نأخذ شيئاً قليلاً بقدر الحاجة، ﴿قيل ارجعوا وراءكم﴾، والقيل هذا إما من المؤمنين، أو من الملائكة، فالله أعلم لا ندري.
﴿ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً﴾ وهل هو حقيقة يريدون أن يذهبوا إلى مكان النور، الذي انطفأ فيه النور لعله يتجدد النور، أو أن هذا من الاستهزاء بهم والسخرية؟ الآية محتملة هذا وهذا ﴿فضرب بينهم﴾ أي بين المنافقين والمؤمنين ﴿بسور له باب﴾ هذا سور عظيم، له باب يمنع من القفز، له باب يدخل منه المؤمنون ويمنع منه المنافقون، ﴿باطنه فيه الرحمة﴾ أي: باطن هذا السور فيه الرحمة للمؤمنين، ﴿وظاهره من قبله العذاب﴾ للمنافقين، وأنت لا تستطيع أن تتصور هذه الحال، لأن الحال أعظم من أن نتصورها، حال عظيمة ﴿ينادونهم﴾، المنادى المنافقون، والمنادى المؤمنون، ﴿ألم نكن معكم﴾ يعني
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة (٦٥٧) ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها (٦٥١) (٢٥٢)..


الصفحة التالية
Icon