فالمسألة خطيرة، أما عيبه بالخُلُق بأن يكون هذا الرجل سريع الغضب، شديد الانتقام، بذيء اللسان، فلا تعبه؛ لأنه ربما إذا عبته ابتلاك الله بنفس العيب، ولهذا جاء في الأثر: «لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك» (١)
لكن إذا وجدت فيه سوء خُلُق فالواجب النصيحة، أن تتصل به إن كان يمكن الاتصال به، وتبين له ما كان به من عيب، أو أن تكتب له كتاباً: رسالة باسمك أو باسم ناصح مثلاً، ﴿ولا تنابزوا بالأَلقاب﴾ يعني لا ينبز بعضكم بعضاً باللقب، فتقول له مثلاً: يا فاسق، يا فاجر، يا كافر، يا شارب الخمر، يا سارق، يا زاني، لا تفعل هذا؛ لأنك إذا نبزته باللقب فإما أن يكون اللقب فيه، وإما أن لا يكون فيه، فإن كان فيه فقد ارتكبت هذا النهي، وإن لم يكن فيه فقد بهتَّه وارتكبت النهي أيضاً، ثم قال - عز وجل -: ﴿بئس الاسم الفسوق بعد الإِيمان﴾ يعني بئس لكم أن تنقلوا من وصف الإيمان إلى وصف الفسوق، فإذا ارتكبتم ما نهى الله عنه صرتم فسقة، فالإنسان إذا ارتكب كبيرة واحدة من الكبائر صار فاسقاً، وإذا ارتكب صغيرة وكررها وأصرّ عليها صار فاسقاً، فلا تجعل نفسك بعد الإيمان وكمال الإيمان فاسقاً، هذا معنى قوله: ﴿بئس الاسم الفسوق بعد الإِيمان﴾ لأن هذه الجملة جملة إنشائية تفيد الذم، وما أفاد الذم فإنه منهي عنه بلا شك، فاستفدنا من هذه الآية الكريمة تحريم السخرية، وتحريم لمز الغير، وتحريم التنابز بالألقاب، وأن من صنع ذلك فهو فاسق بعد أن كان مؤمناً، والفسق ليس وصفاً على اللسان فقط، بل
_________
(١) تقدم تخريجه ص (٣٨)..