شرًّا فشر، لكن رحمة الله تعالى سبقت غضبه (١) ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره﴾ وقد يعاقب، وقد يعفو الله عنه، فالسيئات يمكن أن تمحى، والحسنات لا يمكن أن تنقص، ولهذا قال: ﴿لا يلتكم من أعملكم شيئاً﴾ أي لا ينقصكم. ﴿إن الله غفور رحيم﴾ ختم الآية بالمغفرة والرحمة، إشارة إلى أن هؤلاء الذين قالوا إنهم آمنوا، قريبون من المغفرة والرحمة، لم يدخل الإيمان في قلوبهم، ولكنه قريب من دخوله.
في هذه الآية الكريمة فرق بين الإسلام والإيمان، وكذلك في حديث جبريل عليه السلام فرق بين الإسلام والإيمان، ففي حديث جبريل عليه السلام لما سأل النبي ﷺ عن الإسلام قال: «أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت». وفي الإيمان قال: «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره» (٢). ففرق بين الإسلام والإيمان، وفي أدلة أخرى يجعل الله الإيمان هو الإسلام، والإسلام هو الإيمان، فهل في هذا تناقض؟
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿ويحذركم الله نفسه﴾ (٧٤٠٤) ومسلم، كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه (٢٧٥١).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي ﷺ عن الإيمان (٥٠) ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله سبحانه (٨).