﴿والقرءان المجيد﴾ الواو هنا حرف قسم. أقسم الله تعالى بالقرآن، لأن لله تعالى أن يقسم بما شاء، وإقسامه هنا بالقرآن إقسام بكلامه، وكلام الله تعالى من صفاته، وقد ذكر أهل العلم - رحمهم الله - أنه يجوز الإقسام بالله تعالى، أو بصفة من صفاته، وأما آياته فلا يُقسم بها إلا إذا قصد الإنسان بالآيات كلماته، كالقرآن الكريم، والتوراة، والإنجيل، وما أشبه ذلك، وأما الآيات الكونية كالشمس والقمر فلا يجوز لنا أن نقسم بها، أما الله - عز وجل - فله أن يقسم بما شاء، والقرآن مأخوذ من قرأ إذا تلي، أو من قرأ إذا جمع، ومنه قرية؛ لأن الناس يجتمعون فيها، والقرآن يتضمن المعنيين، فهو متلو وهو مجموع أيضاً، ﴿المجيد﴾ أي ذي المجد، وهو العظمة والسلطان المطلق، فالقرآن له عظمة عظيمة، مهيمن مسيطر على جميع الكتب السابقة، حاكم عليها، ليس محكوماً عليه، وهو أيضاً مجيد، به يمجد ويعلو ويظهر من تمسك به، وهذا كقوله تعالى: ﴿بل هو قرءان مجيد في لوح محفوظ﴾ (١).
﴿بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب﴾ هنا لا يتراءى للإنسان التالي جواب القسم، فاختلف العلماء - رحمهم الله - في مثل ذلك: هل له جواب، أو جوابه يعرف من السياق، أو يعرف من المقسم به؟ وأظهر ما يكون أن نقول: إن
_________
(١) انظر تفسير جزء عم لفضيلة الشيخ رحمه الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon