الكتاب}. يعني أصل أم الكتاب هو لوح محفوظ مكتوب فيه ما يستقر عليه العبد، فما يستقر عليه العبد مكتوب، لكن ما كان قابلاً للمحو والإثبات في أيدي الملائكة، قال الله - عز وجل -: ﴿وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات﴾. حسنة تذهب السيئة وتمحوها بعد أن كتبت، وهذا باعتبار ما في أيدي الملائكة، أما أم الكتاب الأصل مكتوب فيها ما يستقر عليه العبد، نسأل الله أن يجعلنا ممن يستقر على الإيمان والثبات في الدنيا والآخرة.
﴿ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد﴾ ﴿ما يلفظ﴾ : ما هنا نافية، و ﴿قول﴾ مجرورة بمن الزائدة إعراباً المفيدة معنىً، لكن تأتي حروف الجر أحياناً زائدة في الإعراب، لكنها تفيد معنى التوكيد، ولهذا إذا اقترن المنفي بمن الزائدة، أو بالباء الزائدة مثل ﴿ومآ أنا بظلام للعبيد﴾ فإنه أوكد من النفي المجرد من حرف الجر الزائد، ﴿ما يلفظ من قول﴾ إذا جعلنا من زائدة إعراباً مفيدة معنىً ففائدة معناها التوكيد على العموم أي: أي قول يلفظه الإنسان لديه رقيب عتيد، ﴿رقيب﴾ مراقب ليلاً ونهاراً، لا ينفك عن الإنسان، ﴿عتيد﴾ حاضر لا يمكن أن يغيب ويوكل غيره، فهو قاعد مراقب حاضر، لا يفوته شيء ﴿من قول﴾ أي قول نقوله، كل قول لأن ﴿من﴾ هذه زائدة و ﴿قول﴾ نكرة في سياق النفي فهي للعموم، أي قول، وظاهر الآية الكريمة أن القول مهما كان يكتب، سواء كان خيراً أم شرًّا، أم لغواً يكتب، لكن يحاسب على ما كان خيراً أو شرًّا، ولا يلزم من الكتابة أن يحاسب الإنسان عليها، وهذا


الصفحة التالية
Icon