أن الله ليس يصلي في المساجد، لكن أضيفت إلى الله على سبيل التشريف والتعظيم وعلى أنها إنما بنيت لطاعة الله، وكقول صالح عليه السلام لقومه: (ناقة الله وسقياها) (الشمس: ١٣)، ومن المعلوم أن هذه الناقة ليست لله كما تكون للآدمي يركبها؛ لكن أضيفت إلى الله على سبيل التشريف والتعظيم، فيكون "خلق آدم على صورته" أو "على صورة الرحمن" (١)، يعني على الصورة التي اختارها من بين سائر المخلوقات، قال الله تعالى في سورة الانفطار: (يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ) (الانفطار: ٧)
أي الذي جعلك جعلا كهذا وهذا يشمل اعتدال القامة واعتدال الخلقة، ففهمنا الآن والحمد لله أن الله تعالى له وجه حقيقي وأنه لا يشبه أوجه المخلوقين. وقوله: (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) إشارة للإخلاص، فعليك أخي المسلم بالإخلاص حتى تنتفع بالعمل.
وقوله: (وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) يعني لا تتجاوز عيناك عن هؤلاء السادة الكرام تريد زينة الحياة الدنيا، بل اجعل نظرك إليهم دائماً وصحبتك لهم دائماً، وفي قوله: (تريد زينة الحياة الدنيا) إشارة إلى أنَّ الرسول ﷺ لو فارقهم لمصلحة دينية لم يدخل هذا في النهي.
_________
(١) رواه ابن أبي عاصم في "السنة" (رقم ٥١٧). وابن خزيمة في "التوحيد" (رقم ٤١). والبيهقي في " الأسماء والصفات" (رقم ٦٤٠). والدارقطني في "الصفات" (رقم ٤٨). وغيرهم. وصححه ابن راهويه وأحمد كما في " فتح الباري" (٥/١٨٣) وأعله ابن خزيمة (١/٨٧) بهذا اللفظ. وانتصر شيخ الإسلام ابن تيمية لتصحيح ابن راهويه وأحمد.